الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة بقلم عبد الوهاب البراري: الإرث الفني التونسي بين عمّار بلغيث وعلي شورّب

نشر في  31 ماي 2018  (11:51)

كتب الأستاذ والشاعر عبد الوهاب البراري مقالا على صفحته الخاصة عنونه بـ "الإرث الفني التونسي بين عمّار بلغيث وعلي شورّب"، قارن فيه بين  رجل الثقافة والفنّ والتاريخ، إبن الدّهماني الأستاذ عمّار بلغيث، الذي حوّل كهفه الى لوحات فنية وبين شخصية شغلت الناس هذه الأيام ونقصد علي شورب، وكتب الأستاذ  عبد الوهاب : 

قرأتُ ما نشرَتْه الأستاذة المتأّلقة جليلة الكلاعي على صفحتها الخاصّة حول رجل الثقافة والفنّ والتاريخ، إبن الدّهماني الأستاذ عمّار بلغيث، رجلٌ لم تُغرِه حضارة الغرْب والغُربة والبقاء بعيدا عن رائحة الزعتر والإكليل تيجانا على روابي الكاف وسليانة والدهماني، إختار أنْ يكون أحد فتية الكهف على مشارف مدينة الدهماني، لم يكن معه كلبُه في كهفه المهجور على مَرِّ تاريخ مدينته، كانت معه أحلام فنّان، ينْحَت على صخر كهفه لوحات تحكي قصّة حُبٍّ لايعترف بالموت، ميسار ومريكوندا خرجا من الكهف من جديد، إتّخذا من هضاب Althiburos الحجرية رُكحًا لحكاية عشق لايفهمها روّاد مقهى باريس والبالماريوم، إكتفى الفنّان العائد من بعيد بمرافقة العاشقين الى الرّكح، فعادت الحياة إلى نصّ الأسطورة المنقوشة على جدران تاريخ الوطن...
شخصيّتان بُعثتا من جديد، وحكاية عشْقٍ خالدة، وفنّان حالم...
لا أحد يأتي، لا أحد يحضر ميلاد أهل الكهف من جديد، ولا حتى الكلب...
الكلّ مشغولٌ ببطولات علي شورّب، بموس بوسعادة يرسم بها على وجوه أهل الحلفاوين وباب سويقة وباب العسل خطوطا محفورة بلون أحمر، الكلّ يبحثُ عن رجولة مفقودة بين بطولات شورّب، بين رائحة خمرة تتسلّل من بين شفتين لم تتعوّدا إلاّ لغة الأنفاق ومفرداتها وبين صراخ إحدى عفيفات الحفصيّة وباب الجديد وهو ينتزع شرفها ويغتصب عفّتها...
الكلّ منشغلٌ بمن يربح المليار أو بأرداف تتمايل ثمّ ترتعش أمام عيون سكارى من غير خمرة...
ينتبه سي بلغيث فلا أحد يحضر سمفونية العاشقين، يتصارع بداخله شعور مُرٌّ بالإحباط وثورة الفنّان التي لاتعترف بالفشل، يدخل كهفه من جديد، وينحتُ بأظافره على الصّخر عينًا ودمعةً تحكيان ألَمه، تختلط الدّمعة بآهات الفنّان فيشفق على ميسار ومريكوندا أن يموتا من جديد وهو الذي وهبهما الحياة مرّة أخرى...
تسلّل فكرة الموت إلى نفسه المُتعبة، فيصيبه الرّعب...
لايخاف موته هو، بل يُرعبه أن يُغتالَ حُلمُه، أن يعود أهلُ الكهف من جديد إلى كهفهم وينامون ثلاثمائة سنة ويزداون تِسعا...
فهل يأتي بعْده من نَهَل مِن ديوان علي شورّب لإعادة الحياة لأهل كهفه...